للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحرام، فأنزل الله عزّ وجلّ {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} الآية [البقرة: ٢١٧] (١).

وروى السّدّيّ عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مرة، عن ابن مسعود في هذه الآية، فذكروا هذه القصة مبسوطة، وقالوا فيها: فقال المشركون: يزعم محمد أنّه يتبع طاعة الله وهو أوّل من استحلّ الشهر الحرام، فقال المسلمون: إنّما قتلناه في جمادى. وقيل: في أول رجب وآخر ليلة من جمادى.

وغمد المسلمون سيوفهم حين دخل شهر رجب، وأنزل الله تعالى تعييرا لأهل مكّة {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: ٢١٧] لا يحلّ، وما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشّهر الحرام، حين كفرتم بالله، وصددتم عن محمد وأصحابه، وإخراج أهل المسجد الحرام حين أخرجوا منه محمدا صلّى الله عليه وسلّم أكبر من القتل عند الله.

وقد روي عن ابن عباس هذا المعنى من رواية العوفي عنه، ومن رواية أبي سعد البقال، عن عكرمة، عنه. ومن رواية الكلبي، عن أبي صالح، عنه.

وذكر ابن إسحاق أنّ ذلك كان في آخر يوم من رجب، وأنّهم خافوا إن أخّروا القتال أن يسبقهم المشركون فيدخلوا الحرم فيأمنوا، وأنّهم لمّا قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام، ولم يأخذ من غنيمتهم شيئا. وقالت قريش: قد استحلّ محمّد وأصحابه الشهر الحرام. فقال من بمكّة من المسلمين: إنّما قتلوهم في شعبان، فلمّا أكثر النّاس في ذلك نزل قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} الآية [البقرة: ٢١٧]، وروي


(١) «تفسير ابن أبي حاتم» (٢/ ٣٨٤) (٢٠٢٢) وذكره ابن كثير في «تفسيره» (١/ ٣٦٨).

<<  <   >  >>