للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مستعتب، ومن عجز من النّهار كان له من الليل مستعتب (١). وعن قتادة، قال: إنّ المؤمن قد ينسى بالليل ويذكر بالنّهار، وينسى بالنّهار ويذكر بالليل.

قال: وجاء رجل إلى سلمان، قال: لا أستطيع قيام اللّيل. قال له: فلا تعجز بالنّهار. قال قتادة: فأدوا إلى الله من أعمالكم خيرا في هذا الليل والنهار؛ فإنّهما مطيّتان تقحمان النّاس إلى آجالهم، يقرّبان كلّ بعيد، ويبليان كلّ جديد، ويجيئان بكلّ موعود، إلى يوم القيامة.

***

وقد استخرت الله عزّ وجلّ في أن أجمع في هذا الكتاب وظائف شهور السّنة (٢) وما يختصّ بالشهور ومواسمها من الطاعات، كالصّلاة، والصّيام، والذّكر، والشّكر، وبذل الطّعام، وإفشاء السّلام، وغير ذلك من خصال البررة الكرام؛ ليكون ذلك عونا لنفسي ولإخواني على التزوّد للمعاد، والتأهّب للموت قبل قدومه، والاستعداد، وأفوّض أمري إلى الله، إنّ الله بصير بالعباد.

ويكون أيضا صالحا لمن يريد الانتصاب للمواعظ من المذكّرين؛ فإنّ من أفضل الأعمال عند الله لمن أراد به وجه الله إيقاظ الراقدين، وتنبيه الغافلين؛ قال الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذّاريات: ٥٥]، ووعد من أمر بصدقة أو معروف أو أصلح بين الناس يبتغي به وجهه، أجرا عظيما. وأخبر نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أنّ «من دعا إلى هدى فله مثل أجر من تبعه» (٣)، وكفى بذلك فضلا عميما.

وقد جعلت هذه الوظائف المتعلّقة بالشهور مجالس، مرتّبة على ترتيب


(١) «الدر المنثور» (٦/ ٢٧٠) نقلا عن تفسير عبد بن حميد.
(٢) أ، ب: «العام».
(٣) أخرجه: مسلم (٨/ ٦٢) (٢٦٧٤)، وأحمد (٢/ ٣٩٧)، وأبو داود (٤٦٠٩)، والترمذي (٢٦٧٤)، وابن ماجه (٢٠٦).

<<  <   >  >>