للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نصّ الأئمة الأربعة على أنّ طلب العلم أفضل من صلاة النّافلة، والصّلاة أفضل من الصيام المتطوّع به، فيكون العلم أفضل من الصّيام بطريق الأولى؛ فإنّ العلم مصباح يستضاء به في ظلمة الجهل والهوى، فمن سار في طريق على غير مصباح لم يأمن أن يقع في بئر بوار فيعطب. قال ابن سيرين:

إنّ قوما تركوا العلم واتّخذوا محاريب فصلوا وصاموا بغير علم، والله ما عمل أحد بغير علم إلاّ كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح.

والثاني؛ مثل أن يضعف الصّيام عن الكسب للعيال أو القيام بحقوق الزّوجات، فيكون تركه أفضل. وإليه الإشارة بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ لأهلك عليك حقّا» (١).

ومنها: ما أشار إليه صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إنّ لنفسك عليك حقّا فأعط كلّ ذي حق حقّه» (١) يشير إلى أنّ النفس وديعة لله عند ابن آدم، وهو مأمور أن يقوم بحقّها؛ ومن حقها اللّطف بها حتّى توصل صاحبها إلى المنزل. قال الحسن:

نفوسكم مطاياكم إلى ربّكم، فأصلحوا مطاياكم توصلكم إلى ربّكم.

فمن وفّى نفسه حظّها من المباح بنيّة التّقوي به على تقويتها على أعمال الطّاعات، كان مأجورا في ذلك، كما قال معاذ بن جبل: إنّي أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. ومن (٢) قصّر في حقها حتى ضعفت وتضرّرت، كان ظالما لها.

وإلى هذا أشار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله لعبد الله بن عمرو بن العاص: «إنّك إذا


(١) تقدم.
(٢) في ص: «وفي الصحيحين: من .. »، وذكر الصحيحين هنا لا معنى له، ولعل قصد الحديث الآتي، كأن يكون كتب على هامش النسخة ذلك فظن الناسخ أن هذا موضعه. والله أعلم.

<<  <   >  >>