للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي «سنن ابن ماجه» أنّ أسامة كان يصوم الأشهر الحرم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «صم شوّالا»، فترك الأشهر الحرم، فكان يصوم شوّالا حتى مات (١). وفي إسناده إرسال. وقد روي من وجه آخر يعضده.

فهذا نصّ في تفضيل صيام شوّال على صيام الأشهر الحرم، وإنّما كان كذلك لأنّه يلي رمضان من بعده، كما أنّ شعبان يليه من قبله، وشعبان أفضل؛ لصيام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم له دون شوّال، فإذا كان صيام شوّال أفضل من الأشهر الحرم فلأن يكون صوم شعبان أفضل بطريق الأولى.

فظهر بهذا أنّ أفضل التّطوّع ما كان قريبا من رمضان؛ قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان؛ لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السّنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض. وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده. فكما أنّ السّنن الرّواتب أفضل من التّطوّع المطلق بالصّلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ويكون قوله: «أفضل الصّيام بعد رمضان المحرّم» (٢) محمولا على التّطوّع المطلق بالصّيام. فأمّا ما قبل رمضان وبعده فإنّه يلتحق به في الفضل، كما أنّ قوله في تمام الحديث: «وأفضل الصّلاة بعد المكتوبة قيام اللّيل» (٢) إنّما أريد به تفضيل قيام اللّيل على التّطوّع المطلق دون السّنن الرواتب عند جمهور العلماء، خلافا لبعض الشافعية. والله أعلم.

فإن قيل: فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الصّيام صيام داود؛ كان يصوم يوما ويفطر يوما» ولم يصم كذلك، بل كان يصوم سردا ويفطر سردا، ويصوم شعبان وكلّ إثنين وخميس؟.


(١) أخرجه: ابن ماجه (١٧٤٤)، وإسناده ضعيف، وانظر «ضعيف التعليق الرغيب» (٢/ ٨١).
(٢) تقدّم.

<<  <   >  >>