للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الطّحاويّ: هو منسوخ، وحكى الإجماع على ترك العمل به. وأكثر العلماء على أنّه لا يعمل به، وقد أخذ به آخرون؛ منهم الشافعيّ وأصحابه، ونهوا عن ابتداء التطوّع بالصّيام بعد نصف شعبان لمن ليس له عادة، ووافقهم بعض المتأخرين من أصحابنا.

ثمّ اختلفوا في علّة النّهي:

فمنهم من قال: خشية أن يزاد في شهر رمضان ما ليس منه، وهذا بعيد جدّا فيما بعد النصف، وإنّما يحتمل هذا في التّقدم بيوم أو يومين.

ومنهم من قال: النهي للتّقوّي على صيام رمضان شفقة أن يضعفه ذلك عن صيام رمضان؛ وروي ذلك عن وكيع. ويردّ هذا صيام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم شعبان كلّه أو أكثره ووصله برمضان.

هذا كلّه في الصيام بعد نصف شعبان. فأمّا صيام يوم النّصف منه فغير منهيّ عنه، فإنّه من جملة أيّام البيض الغرّ المندوب إلى صيامها من كلّ شهر.

وقد ورد الأمر بصيامه من شعبان بخصوصه، ففي «سنن ابن ماجه» بإسناد ضعيف عن عليّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإنّ الله تعالى ينزل فيها لغروب الشّمس إلى السماء الدّنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا، حتّى يطلع الفجر» (١).

وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث أخر متعدّدة، وقد اختلف فيها، فضعّفها الأكثرون، وصحّح ابن حبّان بعضها وخرّجه في «صحيحه».

ومن أمثلها: حديث عائشة، قالت: «فقدت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فخرجت فإذا هو


(١) أخرجه: ابن ماجه (١٣٨٨)، وهو موضوع، وانظر «السلسلة الضعيفة» (٢١٣٢).

<<  <   >  >>