بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه، ويدلّ عليه حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم، ثم مات الثالث على فراشه بعدهما، فرئي في المنام سابقا لهما، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:«أليس صلّى بعدهما كذا وكذا صلاة، وأدرك رمضان فصامه، فو الذي نفسي بيده، إنّ بينهما لأبعد ممّا بين السّماء والأرض»(١). خرّجه الإمام أحمد وغيره.
من رحم في رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزوّد فيه لمعاده فهو ملوم.
أتى رمضان مزرعة العباد … لتطهير القلوب من الفساد
فأدّ حقوقه قولا وفعلا … وزادك فاتّخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها … تأوّه نادما يوم الحصاد
يا من طالت غيبته عنّا، قد قربت أيّام المصالحة. يا من دامت خسارته قد أقبلت أيّام التّجارة الرّابحة. من لم يربح في هذا الشّهر ففي أيّ وقت يربح؟! من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يبرح.
أناس أعرضوا عنّا … بلا جرم ولا معنى
أساءوا ظنّهم فينا … فهلاّ أحسنوا الظّنّا
فإن عادوا لنا عدنا … وإن خانوا فما خنّا
فإن كانوا قد استغنوا … فإنّا عنهم أغنا
كم ينادى: حيّ على الفلاح وأنت خاسر؟! كم تدعى إلى الصّلاح وأنت على الفساد مثابر؟!
(١) أخرجه: أحمد (١/ ١٦٢)، (٢/ ٣٣٣)، وابن ماجه (٣٩٢٥)، والبيهقي (٣/ ٣٧١). وقال ابن معين: «هذا حديث مرسل»، وراجع: «مسند الشاشي» (٢٧).