للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه سمّى شهر رمضان شهر الصّبر (١). وفي حديث آخر عنه صلّى الله عليه وسلّم، قال: «الصّوم نصف الصّبر» (٢). خرّجه الترمذيّ.

والصّبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة. وتجتمع الثلاثة كلّها في الصوم؛ فإنّ فيه صبرا على طاعة الله، وصبرا عمّا حرّم الله على الصّائم من الشّهوات، وصبرا على ما يحصل للصّائم فيه من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن.

وهذا الألم الناشئ من أعمال الطّاعات يثاب عليه صاحبه، كما قال تعالى في المجاهدين: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التّوبة: ١٢٠].

وفي حديث سلمان المرفوع الذي أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» في فضل شهر رمضان «وهو شهر الصّبر، والصّبر ثوابه الجنّة» (٣). وفي الطبراني عن ابن عمر مرفوعا: «الصّيام لله لا يعلم ثواب عمله إلاّ الله عزّ وجلّ» (٤).

وروي مرسلا وهو أصحّ.

واعلم أنّ مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب:

منها: شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل، كالحرم. ولذلك تضاعف الصّلاة في مسجدي مكّة والمدينة. كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن


(١) أخرجه: أبو داود (٢٤٢٨)، وابن ماجه (١٧٤١).
(٢) أخرجه: الترمذي (٣٥١٩)، وفي إسناده مجهول.
وانظر: «ضعيف المشكاة» (٢٩٦)، و «ضعيف الجامع الصغير» (٢٥٠٩).
(٣) أخرجه: ابن خزيمة (١٨٨٧)، وإسناده ضعيف.
(٤) أخرجه: الطبراني في «الأوسط» (٨٦٥).

<<  <   >  >>