للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فراشه». قال: وكانت حفصة تقول: «يا حبّذا عبادة وأنا نائمة على فراشي».

خرّجه عبد الرزاق.

فالصّائم في ليله ونهاره في عبادة، ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره.

فهو في نهاره صائم صابر؛ وفي ليله طاعم شاكر. وفي الحديث الذي خرّجه الترمذي وغيره: «الطّاعم الشّاكر بمنزلة الصّائم الصّابر» (١).

ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقّف في معنى فرح الصّائم عند فطره؛ فإنّ فطره على الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته، فيدخل في قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ} [يونس: ٥٨]. ولكن شرط ذلك أن يكون فطره على حلال، فإن كان فطره على حرام كان ممّن صام عمّا أحلّ الله، وأفطر على ما حرّم الله، ولم يستجب له دعاء، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في الذي يطيل السّفر: «يمدّ يديه إلى السّماء: يا ربّ، يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام، فأنّي يستجاب لذلك» (٢).

وأمّا فرحه عند لقاء ربه؛ فبما يجده عند الله من ثواب الصّيام مدّخرا، فيجده أحوج ما كان إليه، كما قال الله تعالى: {وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} [المزمّل: ٢٠]. وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} [آل عمران: ٣٠]. وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزّلزلة: ٧].

وقد تقدّم قول ابن عيينة أنّ ثواب الصائم لا يأخذه الغرماء في المظالم بل


(١) أخرجه: أحمد (٢٨٩، ٢/ ٢٨٣)، والترمذي (٢٤٨٦)، وأبو يعلى (٦٥٨٢)، وابن خزيمة (١٨٩٨)، والحاكم (٤/ ١٣٦)، وقد سبق.
(٢) أخرجه: مسلم (٣/ ٨٥ - ٨٦) (١٠١٥).

<<  <   >  >>