للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه؛ فإنّ النفوس تفرح بذلك طبعا، فإن كان ذلك محبوبا لله كان محبوبا شرعا. والصّائم عند فطره كذلك، فكما أنّ الله تعالى حرّم على الصّائم في نهار الصّيام تناول هذه الشهوات، فقد أذن له فيها في ليل الصّيام، بل أحبّ منه المبادرة إلى تناولها في أوّل الليل وآخره، فأحبّ عباده إليه أعجلهم فطرا، والله وملائكته يصلّون على المتسحّرين.

فالصّائم ترك شهواته لله بالنّهار تقرّبا إليه وطاعة له؛ وبادر إليها في اللّيل تقرّبا إلى الله وطاعة له، فما تركها إلاّ بأمر ربّه، ولا عاد إليها إلاّ بأمر ربّه؛ فهو مطيع له في الحالين. ولهذا نهي عن الوصال في الصّيام، فإذا بادر الصّائم إلى الفطر تقرّبا إلى مولاه، وأكل وشرب وحمد الله؛ فإنّه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرّضوان بذلك. وفي الحديث: «إنّ الله ليرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشّربة فيحمده عليها» (١).

وربّما استجيب دعاؤه عند ذلك، كما في الحديث المرفوع الذي خرّجه ابن ماجه: «إنّ للصّائم عند فطره دعوة ما تردّ» (٢).

وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصّيام، كان مثابا على ذلك.

كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنّهار التقوّي على العمل، كان نومه عبادة.

وفي حديث مرفوع: «نوم الصّائم عبادة» (٣). قالت حفصة بنت سيرين:

قال أبو العالية: «الصّائم في عبادة ما لم يغتب أحدا وإن كان نائما على


(١) أخرجه: مسلم (٨/ ٨٧) (٢٧٣٤).
(٢) أخرجه: ابن ماجه (١٧٥٣)، وانظر: «إرواء الغليل» (٩٢١)، و «الكلم الطيب» (١٦٣).
(٣) أخرجه: أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٥/ ٨٣)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (٣٧٠)، والشجري في «الأمالي» (٢٨٠)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣٩٣٩) وهو ضعيف وراجع «السلسلة الضعيفة» (٤٦٩٦).

<<  <   >  >>