للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد جعلتك في الفؤاد محدّثي … وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانس … وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

المواعظ سياط تضرب بها القلوب، فتؤثّر في القلوب كتأثير السياط في البدن، والضرب لا يؤثّر بعد انقضائه كتأثيره في حال وجوده، لكن يبقى أثر التألّم بحسب قوته وضعفه، فكلّما قوي الضّرب كانت مدّة بقاء الألم أكثر.

كان كثير من السّلف إذا خرجوا من مجلس سماع الذّكر خرجوا وعليهم السّكينة والوقار؛ فمنهم من كان لا يستطيع أن يأكل طعاما عقيب ذلك، ومنهم من كان يعمل بمقتضى ما سمعه مدّة. أفضل الصّدقة تعليم جاهل، أو إيقاظ غافل. ما وصل المستثقل في نوم الغفلة بأفضل من ضربه بسياط الموعظة ليستيقظ. المواعظ كالسّياط تقع على نياط القلوب، فمن آلمته فصاح فلا جناح، ومن زاد ألمه فمات فدمه مباح.

قضى الله في القتلى قصاص دمائهم … ولكن دماء العاشقين جبار

وعظ عبد الواحد بن زيد يوما، فصاح به رجل: يا أبا عبيدة، كفّ، فقد كشفت بالموعظة قناع قلبي، فأتمّ عبد الواحد موعظته فمات الرجل.

صاح رجل في حلقة الشّبليّ فمات، فاستعدى أهله على الشّبليّ إلى الخليفة، فقال الشّبليّ: نفس رنت فحنت، فدعيت فأجابت، فما ذنب الشبليّ؟

فكّر في أفعاله ثمّ صاح … لا خير في الحبّ بغير افتضاح

قد جئتكم مستأمنا فارحموا … لا تقتلوني قد رميت السّلاح

إنّما يصلح التأديب بالسوط من صحيح البدن، ثابت القلب، قويّ

<<  <   >  >>