للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودلّ الحديث أيضا على استحباب دراسة القرآن في رمضان، والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له. وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.

وفي حديث فاطمة رضي الله عنها عن أبيها صلّى الله عليه وسلّم: «أنّه أخبرها: أنّ جبريل عليه السّلام كان يعارضه القرآن كلّ عام مرّة، وأنّه عارضه في عام وفاته مرّتين» (١). وفي حديث ابن عباس: «أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلا» (٢)، فدلّ على استحباب الإكثار من التّلاوة في رمضان ليلا؛ فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبّر، كما قال تعالى:

{إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمّل: ٦].

وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن، كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥]. وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنّه أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في ليلة القدر. ويشهد لذلك قوله تعالى: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١]، وقوله: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} [الدّخان: ٣].

وقد سبق عن عبيد بن عمير أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بدئ بالوحي ونزول القرآن عليه في شهر رمضان. وفي «المسند» عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:

«نزلت صحف إبراهيم في أوّل ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التّوراة لستّ مضين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان» (٣).


(١) أخرجه: البخاري (٤/ ٢٤٧) (٦٢٨٥)، ومسلم (٧/ ١٤٢) (٢٤٥٠).
(٢) أخرجه: البخاري (٦) (١/ ٤)، ومسلم (٧/ ٧٣) (٢٣٠٨) وليس فيه ذكر الليلة.
(٣) أخرجه: أحمد (٤/ ١٠٧)، وحسنه الألباني.
راجع: «الصحيحة» (١٥٧٥).

<<  <   >  >>