للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث عبادة بن الصّامت الطويل: «إن القرآن يأتي صاحبه في القبر، فيقول له: أنا الذي كنت أسهر ليلك، وأظمئ نهارك، وأمنعك شهواتك، وسمعك وبصرك؛ فستجدني من الأخلاّء خليل صدق. ثم يصعد فيسأل له فراشا ودثارا، فيؤمر له بفراش من الجنّة، وقنديل من الجنّة، وياسمين من الجنّة، ثم يدفع القرآن في قبلة القبر، فيوسع عليه ما شاء الله من ذلك» (١).

قال ابن مسعود: ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس ينامون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون.

قال محمد بن كعب: كنّا نعرف قارئ القرآن بصفرة لونه. يشير إلى سهره وطول تهجّده. قال وهيب بن الورد: قيل لرجل: ألا تنام؟ قال: إنّ عجائب القرآن أطرن نومي. وصحب رجل رجلا شهرين، فلم يره نائما، فقال: ما لي لا أراك نائما؟ قال: إنّ عجائب القرآن أطرن نومي؛ ما أخرج من أعجوبة إلاّ وقعت في أخرى.

قال أحمد بن أبي الحواري: إنّي لأقرأ القرآن وأنظر في آية آية، فيحير عقلي بها، وأعجب من حفّاظ القرآن كيف يهنيهم النوم، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا، وهم يتلون كلام الله؟ أما إنّهم لو فهموا ما يتلون وعرفوا حقّه، وتلذّذوا به، واستحلوا المناجاة به، لذهب عنهم النوم فرحا بما قد رزقوا.

وأنشد ذو النون المصري:


(١) أخرجه: الحارث (٧٢٩ - زوائد الهيثمي)، والعقيلي في «الضعفاء» (٢/ ٣٩)، وقال: «هذا حديث باطل».

<<  <   >  >>