«خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فأخذ قبضة من حصباء الوادي فرمى بها نحوهم، وقال: «شاهت الوجوه» فلم يبق مشرك إلاّ دخل في عينيه ومنخره وفمه شيء، ثم كانت الهزيمة.
وقال حكيم بن حزام: سمعنا يوم بدر صوتا وقع من السّماء كأنّه صوت حصاة على طست، فرمى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلك الرّمية، فانهزمنا. ولما قدم الخبر على أهل مكة قالوا لمن أتاهم بالخبر: كيف حال الناس؟ قال:
لا شيء، والله إن كان إلاّ أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا، يقتلونا ويأسرونا كيف شاءوا، وايم الله، مع ذلك ما لمت النّاس؛ لقينا رجالا على خيل بلق بين السّماء والأرض ما يقوم لها شيء. وقتل الله صناديد كفّار قريش يومئذ؛ منهم عتبة بن ربيعة، وشيبة، والوليد بن عتبة، وأبو جهل، وغيرهم. وأسروا منهم سبعين.
وقصّة بدر يطول استقصاؤها، وهي مشهورة في التفسير وكتب الصحاح والسنن والمسانيد والمغازي والتواريخ وغيرها، وإنما المقصود هاهنا التنبيه على بعض مقاصدها.
وكان عدوّ الله إبليس قد جاء إلى المشركين في صورة سراقة بن مالك، وكانت يده في يد الحارث بن هشام، وجعل يشجعهم ويعدهم ويمنّيهم، فلمّا رأى الملائكة هرب وألقى نفسه في البحر. وقد أخبر الله عن ذلك بقوله تعالى:{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ}[الأنفال: ٤٨].
وفي «الموطإ» حديث مرسل عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «ما رئي الشّيطان أحقر