للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أدحر ولا أصغر من يوم عرفة، إلاّ ما رأى يوم بدر. قيل: وما رأى يوم بدر؟ قال: رأى جبريل يزع الملائكة» (١).

فإبليس عدوّ الله يسعى جهده في إطفاء نور الله وتوحيده، ويغري بذلك أولياءه من الكفّار والمنافقين. فلمّا عجز عن ذلك بنصر الله نبيّه وإظهار دينه على الدّين كلّه، رضي بإلقاء الفتن بين المسلمين، واجتزى منهم بمحقّرات الذنوب حيث عجز عن ردّهم عن دينهم؛ كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الشيطان قد أيس أن يعبده المصلّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم» (٢).

خرّجه مسلم من حديث جابر.

وخرّج الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه من حديث عمرو بن الأحوص، قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول في حجة الوداع: «ألا إنّ الشّيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا، ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من أعمالكم، فيرضى بها» (٣).

وفي «صحيح الحاكم» عن ابن عبّاس أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم خطب في حجّة الوداع، فقال: «إنّ الشّيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنّه يرضى أن يطاع فيما سوى ذلك؛ فيما تحاقرون من أعمالكم؛ فاحذروا، يا أيّها الناس، إنّي قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبدا: كتاب الله، وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم» (٤).

ولم يعظم على إبليس شيء أكبر من بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وانتشار دعوته في مشارق الأرض ومغاربها؛ فإنّه أيس أن تعود أمّته كلّهم إلى الشرك الأكبر.


(١) أخرجه: مالك في «الموطإ» (٢٧٢) عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلا.
(٢) أخرجه: مسلم (٨/ ١٣٨) (٢٨١٢)، والترمذي (١٩٣٧).
(٣) أخرجه: أحمد (٣/ ٤٢٦)، والترمذي (٢١٥٩)، وابن ماجه (٣٠٥٥).
(٤) أخرجه: الحاكم (١/ ٩٣)، وقال: «وذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها».

<<  <   >  >>