للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن الحسن، قال إبليس: سوّلت لأمّة محمد المعاصي، فقطعوا ظهري بالاستغفار، فسوّلت لهم ذنوبا لا يستغفرون منها، يعني الأهواء.

ولا يزال إبليس يرى في مواسم المغفرة والعتق من النار ما يسوؤه؛ فيوم عرفة لا يرى أصغر ولا أحقر ولا أدحر فيه منه؛ لما يرى من تنزّل الرّحمة وتجاوز الله عن الذّنوب العظام، إلا ما رئي يوم بدر.

وروي أنّه لمّا رأى نزول المغفرة للأمّة في حجّة الوداع يوم النّحر بالمزدلفة، أهوى يحثي على رأسه التراب، ويدعو بالويل والثبور. فتبسّم النبي صلّى الله عليه وسلّم ممّا رأى من جزع الخبيث.

وفي شهر رمضان يلطف الله بأمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم فيغلّ فيه الشياطين ومردة الجنّ حتّى لا يقدروا على ما كانوا يقدرون عليه في غيره من تسويل الذنوب.

ولهذا تقلّ المعاصي في شهر رمضان في الأمّة لذلك. ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا دخل رمضان فتّحت أبواب السّماء، وغلّقت أبواب جهنّم، وسلسلت الشّياطين» (١). ولمسلم: «فتّحت أبواب الرّحمة». وله أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا جاء رمضان فتّحت أبواب الجنّة، وغلّقت أبواب النّار، وصفّدت الشياطين».

وخرّج منه البخاري ذكر فتح أبواب الجنّة.

وللترمذي وابن ماجه عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان صفّدت الشّياطين ومردة الجنّ، وغلّقت أبواب النّار، فلم يفتح منها باب؛ وفتحت أبواب الجنّة، فلم يغلق منها باب؛ وينادي مناد: يا باغي الخير


(١) أخرجه: البخاري (٤/ ١٤٩، ٣/ ٣٢) (١٨٩٩)، ومسلم (٣/ ١٢١) (١٠٧٩)، وأحمد (٤٠١/ ٢، ٣٧٨، ٣٥٧، ٢٨١)، والنسائي (٤/ ١٢٦).

<<  <   >  >>