للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبادة بن الصّامت، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال في ليلة القدر: «لا يحلّ لكوكب أن يرمى به حتّى يصبح، وأن أمارتها أنّ الشّمس تخرج صبيحتها مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، لا يحلّ للشّيطان أن يخرج معها يومئذ» (١).

وروي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: إنّ الشيطان يطلع مع الشّمس كلّ يوم إلاّ ليلة القدر؛ وذلك أنّها تطلع لا شعاع لها.

وقال مجاهد في قوله تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥]، قال:

سلام أن يحدث فيها داء أو يستطيع شيطان العمل فيها. وعنه قال: ليلة القدر ليلة سالمة لا يحدث فيها داء، ولا يرسل فيها شيطان. وعنه قال: هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا، ولا يحدث فيها أذى.

وعن الضحّاك، عن ابن عباس، قال: في تلك الليلة تصفّد مردة الجنّ، وتغلّ عفاريت الجنّ، وتفتح فيها أبواب السّماء كلّها، ويقبل الله فيها التوبة لكلّ تائب؛ فلذلك قال: {سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥]. ويروى عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه، قال: لا يستطيع الشّيطان أن يصيب فيها أحدا بخبل أو داء أو ضرب من ضروب الفساد، ولا ينفذ فيها سحر ساحر. ويروى بإسناد ضعيف عن أنس مرفوعا: «أنّه لا تسري نجومها، ولا تنبح كلابها».

وكلّ هذا يدلّ على كفّ الشّياطين فيها عن انتشارهم في الأرض، ومنعهم من استراق السّمع فيها من السّماء.

ابن آدم، لو عرفت قدر نفسك ما أهنتها بالمعاصي، أنت المختار من المخلوقات، ولك أعدّت الجنّة؛ إن اتقيت فهي أقطاع المتقين، والدنيا أقطاع إبليس؛ فهو فيها من المنظرين. فكيف رضيت لنفسك بالإعراض عن أقطاعك


(١) أخرجه: أحمد (٥/ ٣٢٤).

<<  <   >  >>