للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومزاحمة إبليس على أقطاعه، وأن تكون غدا معه في النّار من جملة أتباعه؟ إنّما طردناه عن السّماء لأجلك حيث تكبّر عن السّجود لأبيك، وطلبنا قربك؛ لتكون من خاصتنا وحزبنا، فعاديتنا وواليت عدوّنا، {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} [الكهف: ٥٠].

رعى الله من نهوى وإن كان ما رعى … حفظنا له العهد القديم فضيّعا

وصاحبت قوما كنت أنهاك عنهم … وحقّك ما أبقيت للصلح موضعا

أبشروا يا معاشر المسلمين، فهذه أبواب الجنّة الثمانية في هذا الشهر لأجلكم قد فتحت، ونسماتها على قلوب المؤمنين قد نفحت، وأبواب الجحيم كلّها لأجلكم مغلقة، وأقدام إبليس وذريّته من أجلكم موثقة.

ففي هذا الشهر يؤخذ من إبليس بالثار، وتستخلص العصاة من أسره فما يبقى لهم عنده آثار. كانوا أفراخه، قد غذّاهم بالشهوات في أوكاره، فهجروا اليوم تلك الأوكار. نقضوا معاقل حصونه بمعاول التوبة والاستغفار. خرجوا من سجنه إلى حصن التّقوى والإيمان، فأمنوا من عذاب النار. قصموا ظهره بكلمة التوحيد؛ فهو يشكو ألم الانكسار. في كلّ موسم من مواسم الفضل يحزن؛ ففي هذا الشّهر يدعو بالويل؛ لما يرى من تنزّل الرّحمة ومغفرة الأوزار. غلب حزب الرّحمن، وهرب حزب الشّيطان؛ فما بقي له سلطان، إلاّ على الكفّار. عزل سلطان الهوى، وصارت الدولة لسلطان التّقوى؛ {فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ} [الحشر: ٢].

يا نداماي صحا القلب صحا … فاطردوا عنّي الصّبا والمرحا

هزم العقل جنودا للهوى … فاسدي لا تعجبوا إن صلحا

زجر الحقّ فؤادي فارعوى … وأفاق القلب منّي وصحا

بادروا التّوبة من قبل الرّدى … فمناديه ينادينا الوحا

<<  <   >  >>