للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه. وقد روي عن بعض المتقدّمين من بني هاشم - ظنّه الراوي أبا جعفر محمد بن علي - أنّه فسّر ذلك بإحياء نصف الليل، وقال: من أحيا نصف الليل فقد أحيا الليل. وقد سبق مثل هذا في قول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصوم شعبان كلّه، كان يصوم شعبان إلاّ قليلا» (١). ويؤيّده ما في «صحيح مسلم» عن عائشة، قالت: «ما أعلمه صلّى الله عليه وسلّم قام ليلة حتّى الصباح» (٢).

وذكر بعض الشافعية في إحياء ليلتي العيدين أنّه تحصل فضيلة الإحياء بمعظم الليل. قال: وقيل: تحصل بساعة. وقد نقل الشافعيّ في «الأم» عن جماعة من خيار أهل المدينة ما يؤيده. ونقل بعض أصحابهم عن ابن عباس أنّ إحياءها يحصل بأن يصلّي العشاء في جماعة، ويعزم على أن يصلّي الصبح في جماعة.

وقال مالك في «الموطإ»: بلغني أنّ ابن المسيب قال: «من شهد العشاء ليلة القدر - يعني في جماعة - فقد أخذ بحظّه منها» (٣). وكذا قال الشافعي في القديم: من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظّه منها.

وقد روي هذا من حديث أبي هريرة مرفوعا: «من صلّى العشاء الآخرة في جماعة في رمضان، فقد أدرك ليلة القدر» (٤). خرّجه أبو الشيخ الأصبهاني.

ومن طريقه أبو موسى المديني. وذكر أنه روي من وجه آخر عن أبي هريرة نحوه. ويروى من حديث عليّ بن أبي طالب مرفوعا، لكن إسناده ضعيف جدّا.


(١) أخرجه: مسلم (٣/ ١٦١) (١١٥٦).
(٢) أخرجه: مسلم (٢/ ١٧٠) (٧٤٦).
(٣) أخرجه: مالك في «الموطإ» (٢١٣) بلاغا.
(٤) رواه أيضا ابن خزيمة في «صحيحه» (٣/ ٣٣٣) (٢١٩٥)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣/ ٣٤٠) (٣٧٠٦)، والطبراني في «الكبير»، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وراجع: «مجمع الزوائد» (٢/ ٢٣١).

<<  <   >  >>