للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويروى من حديث أبي جعفر محمد بن علي مرسلا: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

«من أتى عليه رمضان صحيحا مسلما؛ صام نهاره، وصلّى وردا من ليله، وغضّ بصره، وحفظ فرجه، ولسانه، ويده، وحافظ على صلاته في الجماعة؛ وبكّر إلى جمعة؛ فقد صام الشهر، واستكمل الأجر، وأدرك ليلة القدر، وفاز بجائزة الرّبّ عزّ وجلّ». قال أبو جعفر: جائزة لا تشبه جوائز الأمراء. خرّجه ابن أبي الدنيا.

ولو نذر قيام ليلة القدر لزمه أن يقوم من ليالي شهر رمضان ما يتيقّن به قيامها. فمن قال من العلماء: إنّها في جميع الشهر، يقول: يلزمه قيام جميع ليالي الشهر. ومن قال: هي في النصف الآخر من الشهر، قال: يلزمه قيام ليالي النصف الأخير منه. ومن قال: هي في العشر الأواخر من الشهر، قال: يلزمه قيام ليالي العشر كلها، وهو قول أصحابنا.

وإن كان نذره كذلك، وقد مضى بعض ليالي العشر؛ فإن قلنا: إنّها لا تنتقل في العشر، أجزأه من نذره أن يقوم ما بقي من ليالي العشر، ويقوم من عام قابل من أوّل العشر إلى وقت نذره. وإن قلنا: إنّها تنتقل في العشر لم يخرج من نذره بدون قيام ليالي العشر كلّها بعد عام نذره.

ولو نذر قيام ليلة غير معينة، لزمه قيام ليلة تامّة؛ فإن قام نصف ليلة ثم نام أجزأه أن يقوم من ليلة أخرى نصفها؛ قاله الأوزاعيّ، نقله عنه الوليد بن مسلم في كتاب «النذور»، وهو شبيه بقول من قال من أصحابنا وغيرهم: إنّ الكفّارة يجزئ فيها أن يعتق نصفي رقبتين.

ومنها: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يوقظ أهله للصّلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي. وفي حديث أبي ذرّ أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لما قام بهم ليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، ذكر أنّه دعا أهله ونساءه ليلة سبع وعشرين

<<  <   >  >>