لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار، ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها:{يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا}[يوسف: ٨٨] لبرز لهم التوقيع عليها {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ}[يوسف: ٩٢].
أشكو إلى الله كما قد شكى … أولاد يعقوب إلى يوسف
قد مسّني الضّرّ وأنت الّذي … تعلم حالي وترى موقفي
بضاعتي المزجاة محتاجة … إلى سماح من كريم وفي
فقد أتى المسكين مستمطرا … جودك فارحم ذلّه واعطف
فأوف كيلي وتصدّق على … هذا المقلّ البائس الأضعف
قالت عائشة رضي الله عنها للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال:«قولي: اللهم، إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعف عنّي»(١).
العفوّ من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيّئات عباده، الماحي لآثارها عنهم. وهو يحبّ العفو؛ فيحبّ أن يعفو عن عباده، ويحبّ من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحبّ إليه من عقوبته.
(١) أخرجه: أحمد (١٨٢، ٦/ ١٧١)، والترمذي (٣٥١٣)، وقال: «حسن صحيح»، وابن ماجه (٣٨٥٠).