للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجمهور على أن ذلك إنّما يكفّر الصغائر، ويدلّ عليه ما خرّجه مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «الصّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفّرات لما بينهنّ، ما اجتنبت الكبائر» (١).

وفي تأويله قولان:

أحدهما: أن تكفير هذه الأعمال مشروط باجتناب الكبائر، فمن لم يجتنب الكبائر لم تكفّر له هذه الأعمال كبيرة ولا صغيرة.

والثاني: أنّ المراد أنّ هذه الفرائض تكفّر الصغائر خاصّة بكلّ حال، وسواء اجتنبت الكبائر أو لم تجتنب، وأنّها لا تكفّر الكبائر بحال (٢).

وقد قال ابن المنذر في قيام ليلة القدر: إنّه يرجى به مغفرة الذنوب؛ كبائرها وصغائرها. وقال غيره مثل ذلك في الصّوم أيضا. والجمهور على أنّ الكبائر لا بدّ لها من توبة نصوح. وهذه المسائل قد ذكرناها مستوفاة في مواضع أخر.

فدلّ حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أنّ هذه الأسباب الثلاثة كلّ واحد منها مكفّر لما سلف من الذّنوب، وهي صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر.

فقيام ليلة القدر بمجرده يكفّر الذنوب لمن وقعت له، كما في حديث عبادة بن الصّامت، وقد سبق ذكره. وسواء كانت في أوّل العشر أو أوسطه أو آخره، وسواء شعر بها أو لم يشعر. ولا يتأخّر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشّهر.

وأمّا صيام رمضان وقيامه، فيتوقّف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تمّ


(٤) - وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٤٤): «وفيه عبد الله بن قريط، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا».
(١) أخرجه: مسلم (١/ ١٤٤) (٢٣٣)، وأحمد (٢/ ٤٠٠).
(٢) في ص: «بكل حال».

<<  <   >  >>