للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشّهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتّب له على ذلك مغفرة ما تقدّم من ذنبه بتمام السّببين، وهما صيام رمضان وقيامه.

وقد يقال: إنه يغفر لهم عند استكمال القيام في آخر ليلة من رمضان، بقيام رمضان قبل تمام نهارها، وتتأخّر المغفرة بالصيام إلى إكمال النهار بالصّوم، فيغفر لهم بالصوم في ليلة الفطر.

ويدلّ على ذلك ما خرّجه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطها أمّة غيرهم: خلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتّى يفطروا، ويزيّن الله كلّ يوم جنّته، ويقول: يوشك عبادي أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك، وتصفّد فيه مردة الشّياطين؛ فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، فقيل له: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكنّ العامل إنما يوفّى أجره إذا قضى عمله» (١).

وقد روي أنّ الصّائمين يرجعون يوم الفطر مغفورا لهم، وأنّ يوم الفطر يسمّى يوم الجوائز (٢)؛ وفيه أحاديث ضعيفة. وقال الزّهريّ: إذا كان يوم الفطر خرج النّاس إلى الجبّان اطّلع الله عليهم، فقال: عبادي، لي صمتم، ولي قمتم، ارجعوا مغفورا لكم. قال مورّق العجليّ لبعض إخوانه في المصلّى يوم الفطر: يرجع هذا اليوم قوم كما ولدتهم أمّهاتهم.

وفي حديث أبي جعفر الباقر المرسل: «من أتى عليه رمضان فصام نهاره،


(١) أخرجه: أحمد (٢/ ٢٩٢)، وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٤٠): «رواه أحمد والبزار، وفيه هشام بن زياد أبو المقدام، وهو ضعيف».
وراجع: «مشكل الآثار» (٤/ ١٤٢)، و «المطالب العالية» (٩٣٢).
(٢) وساقه مسلم في مقدمة «صحيحه» على سبيل الإنكار.

<<  <   >  >>