كيف لا يجري للمؤمن على فراقه دموع، وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع.
تذكّرت أيّاما مضت ولياليا … خلت فجرت من ذكرهنّ دموع
ألا هل لها يوما من الدّهر عودة … وهل لي إلى وقت الوصال رجوع
وهل بعد إعراض الحبيب تواصل … وهل لبدور قد أفلن طلوع
أين حرق المجتهدين في نهاره؟ أين قلق المتهجّدين في أسحاره؟
اسمع أنين العاشقي … ن إن استطعت له سماعا
راح الحبيب فشيّعته … مدامعي تهمي سراعا
لو كلّف الجبل الأصمّ … فراق إلف ما استطاعا
إذا كان هذا جزع من ربح فيه، فكيف حال من خسر في أيّامه ولياليه؟ ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه، وقد عظمت فيه مصيبته وجلّ عزاؤه؟ كم نصح المسكين فما قبل النّصح! كم دعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصّلح! كم شاهد الواصلين فيه وهو متباعد! كم مرّت به زمر السّائرين وهو قاعد، حتى إذا ضاق به الوقت وحاق به المقت، ندم على التفريط حين لا ينفع النّدم، وطلب الاستدراك في وقت العدم.
أتترك من تحبّ وأنت جار … وتطلبهم وقد بعد المزار
وتبكي بعد نأيهم اشتياقا … وتسأل في المنازل أين ساروا
تركت سؤالهم وهم حضور … وترجو أن تخبّرك الدّيار
فنفسك لم ولا تلم المطايا … ومت كمدا فليس لك اعتذار
يا شهر رمضان ترفّق، دموع المحبّين تدفّق، قلوبهم من ألم الفراق تشقّق، عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو