يا شبّان التّوبة، لا ترجعوا إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام، فالرّضاع إنّما يصلح للأطفال لا للرجال. ولكن لا بدّ من الصّبر على مرارة الفطام؛ فإن صبرتم تعوّضتم عن لذّة الهوى بحلاوة الإيمان في القلوب. من ترك لله شيئا لم يجد فقده وعوّضه الله خيرا منه. {إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}[الأنفال: ٧٠]. وفي الحديث:«النظر سهم مسموم من سهام إبليس؛ من تركه من خوف الله أعطاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه».
خرّجه الإمام أحمد (١).
وهذا الخطاب للشباب. فأمّا الشيخ إذا عاود المعاصي بعد انقضاء رمضان فهو أقبح وأقبح؛ لأنّ الشاب يؤمّل معاودة التّوبة في آخر عمره، وهو مخاطر؛ فإنّ الموت قد يعاجله، وقد يطرقه بغته. فأمّا الشيخ فقد شارف مركبه ساحل بحر المنون فماذا يؤمّل؟
نعى لك ظلّ الشّباب المشيب … ونادتك باسم سواك الخطوب
(١) لا يوجد في المسند بهذا اللفظ، وإنما رواه الحاكم (٤/ ٣٤٩) (٧٨٧٥) عن حذيفة، ورواه الطبراني (١٠/ ١٧٣) (١٠٣٦٢) عن ابن مسعود، قال الهيثمي (٨/ ٦٣): «فيه عبد الله بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف».