الساعات إلاّ ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات؛ فالمؤمن يتقلّب بين هذه الوظائف، ويتقرّب بها إلى مولاه وهو راج خائف.
المحبّ لا يملّ من التقرّب بالنوافل إلى مولاه، ولا يأمل إلا قربه ورضاه.
ما للمحبّ سوى إرادة حبّه … إنّ المحبّ بكلّ برّ يضرع
كلّ وقت يخليه العبد من طاعة مولاه فقد خسره، وكلّ ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة ترة. فوا أسفاه على زمان ضاع في غير طاعته! وا حسرتاه على وقت فات في غير خدمته!.
من فاته أن يراك يوما … فكلّ أوقاته فوات
وحيثما كنت من بلاد … فلي إلى وجهك التفات
إليكم هجرتي وقصدي … وأنتم الموت والحياة
أمنت أن توحشوا فؤادي … فآنسوا مقلتي ولات (١)
من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها، فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخرى، وعلامة ردّها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية. ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها! وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها. وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها وتعفوها! ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعين ذنبا قبلها.
النكسة أصعب من المرض، وربما أهلكت. سلوا الله الثّبات على الطّاعات إلى الممات، وتعوّذوا به من تقلّب القلوب، ومن الحور بعد الكور. ما أوحش ذلّ المعصية بعد عزّ الطّاعة، وأفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة.