للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقاتل قوما حتى يدعوهم. فالجهاد به تعلو كلمة الإيمان، وتتسع رقعة الإسلام، ويكثر الداخلون فيه، وهو وظيفة الرّسل وأتباعهم، وبه تصير كلمة الله هي العليا. والمقصود منه أن يكون الدّين كله لله، والطاعة له، كما قال تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ} [الأنفال: ٣٩]. والمجاهد في سبيل الله هو المقاتل لتكون كلمة الله هي العليا خاصّة.

والنوع الثاني من الجهاد: جهاد النفس في طاعة الله، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«المجاهد من جاهد نفسه في الله». وقال بعض الصحابة لمن سأله عن الغزو: ابدأ بنفسك فاغزها، وابدأ بنفسك فجاهدها.

وأعظم مجاهدة النفس على طاعة الله عمارة بيوته بالذّكر والطاعة، قال الله تعالى: {إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ} [التّوبة: ١٨]. وفي حديث أبي سعيد المرفوع: «إذا رأيتم الرّجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان» (١) ثم تلا هذه الآية. خرّجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه.

وقال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} الآية [النور: ٣٦ - ٣٧].

والنوع الأوّل من الجهاد أفضل من هذا الثاني، قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا}


(١) أخرجه: أحمد (٧٦، ٣/ ٦٨)، والترمذي (٣٠٩٣، ٢٦١٧)، وابن ماجه (٨٠٢)، وابن خزيمة (١٥٠٢)، والحاكم (١/ ٢١٢ - ٢١٣).
وفي إسناده دراج أبو السمح وهو ضعيف.

<<  <   >  >>