للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفسوق والمعاصي، قال الله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى} [البقرة: ١٩٧].

وفي الحديث الصحيح: «من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه» (١). وقد سبق حديث: «من لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي الله فليس لله حاجة في حجّه». فما تزوّد حاجّ ولا غيره أفضل من زاد التّقوى، ولا دعي للحاجّ عند توديعه بأفضل من التقوى.

وقد روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ودّع غلاما للحج، فقال له: «زوّدك الله التّقوى» (٢). قال بعض السّلف لمن ودّعه: اتق الله، فمن اتّقى الله فلا وحشة عليه. وقال آخر لمن ودّعه للحجّ: أوصيك بما وصّى به النبي صلّى الله عليه وسلّم معاذا حين ودّعه: «اتّق الله حيثما كنت، وأتبع السّيئة الحسنة تمحها، وخالق النّاس بخلق حسن» (٣). وهذه وصيّة جامعة لخصال البرّ كلّها. ولأبي الدّرداء رضي الله عنه:

يريد المرء أن يوتى مناه … ويأبى الله إلاّ ما أرادا

يقول المرء فائدتي ومالي … وتقوى الله أفضل ما استفادا

ومن أعظم ما يجب على الحاجّ اتقاؤه من الحرام: أن يطيّب نفقته في الحجّ، وأن لا يجعلها من كسب حرام. وقد خرّج الطبراني وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «إذا خرج الرجل حاجّا بنفقة طيّبة، ووضع رجله في


(١) أخرجه: البخاري (٣/ ١٤) (١٥٢١)، ومسلم (٤/ ١٠٧) (١٣٥٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه: الترمذي (٣٤٤٤) بمعناه، وقال: «هذا حديث حسن غريب».
(٣) أخرجه: الترمذي (١٩٨٧)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح».
وراجع: «العلل» لعبد الله بن أحمد (٥٠٨٦) (٥٠٨٧)، و «العلل» للدارقطني (٦/ ٤١ - ٧٢)، و «الحلية» لأبي نعيم (٤/ ٣٧٦).

<<  <   >  >>