للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله ما جئتكم زائرا … إلاّ وجدت الأرض تطوى لي

ولا ثنيت العزم عن بابكم … إلاّ تعثّرت بأذيالي

ومن أعظم أنواع برّ الحجّ كثرة ذكر الله تعالى فيه، وقد أمر الله تعالى بكثرة ذكره في إقامة مناسك الحجّ مرة بعد أخرى. وقد روي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل: أيّ الحاج أفضل؟ قال: «أكثرهم لله ذكرا» (١). خرّجه الإمام أحمد. وروي مرسلا من وجوه متعددة.

وخصوصا كثرة الذّكر في حال الإحرام بالتلبية والتكبير. وفي الترمذي وغيره عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أفضل الحجّ العجّ والثّجّ» (٢). وفي حديث جبير بن مطعم المرفوع: «عجوا التكبير عجّا وثجوا الإبل ثجّا» (٣). فالعجّ:

رفع الصّوت بالتكبير والتلبية. والثّجّ: إراقة دماء الهدايا والنّسك.

والهدي من أفضل الأعمال، قال الله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ} [الحجّ: ٣٦]. الآية. وقال تعالى: {ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} الآية [الحجّ: ٣٢]. وأهدى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع مائة بدنة. وكان يبعث بالهدي إلى منى، فتنحر عنه وهو مقيم بالمدينة.

الأمر الثاني مما يكمل به برّ الحجّ: اجتناب أفعال الإثم فيه؛ من الرّفث


(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٤٣٨).
(٢) أخرجه: الترمذي (٢٩٩٨، ٨٢٧)، وابن ماجه (٢٩٢٤) وأشار الترمذي إلى ضعفه في الموضعين.
وراجع: «نصب الراية» (٣/ ٨)، و «الصحيحة» (١٥٠٠).
(٣) أخرجه: البغوي عن ابن أخ لجبير بن مطعم، كما ذكر ذلك الهندي في «كنز العمال» (١١٩٨٣).

<<  <   >  >>