يصلّي صلاة الليل في النّهار، ولا صلاة النّهار في الليل، ولا أن يصلّي على ظهر راحلته المكتوبة، إلاّ من خاف الانقطاع عن رفقته أو نحو ذلك ممن يخاف على نفسه.
فأمّا المريض ومن كان في ماء وطين، ففي صلاته على الرّاحلة اختلاف مشهور للعلماء، وفيه روايتان عن الإمام أحمد، وأن يكون بالطهارة الشرعيّة بالوضوء بالماء مع القدرة عليه والتيمّم عند العجز حسّا أو شرعا. ومتى علم الله من عبد حرصه على إقام الصّلاة على وجهها أعانه.
قال بعض العلماء: كنت في طريق الحجّ، وكان الأمير يقف للنّاس كلّ يوم لصلاة الفجر، فينزل فيصلّي، ثم نركب، فلمّا كان ذات يوم قرب طلوع الشّمس (١)، ولم يقفوا للنّاس فناديتهم؛ فلم يلتفتوا إلى ذلك، فتوضّأت على المحمل، ثم نزلت للصّلاة على الأرض، ووطّنت نفسي على المشي إلى وقت نزولهم للضحى، وكانوا لا ينزلون إلاّ قريب وقت الظهر، مع علمي بمشقّه ذلك عليّ وأنّي لا قدرة لي عليه، فلمّا صلّيت وقضيت صلاتي، نظرت إلى رفقتي فإذا هم وقوف، وقد كانوا لو سئلوا ذلك لم يفعلوه، فسألتهم عن سبب وقوفهم، فقالوا: لمّا نزلت تعرقلت مقاود الجمال بعضها في بعض، فنحن في تخليصها إلى الآن.
قال: فجئت وركبت وحمدت الله عزّ وجلّ، وعلمت أنّه ما قدّم أحد حقّ الله تعالى على هوى نفسه وراحتها، إلاّ ورأى سعادة الدّنيا والآخرة، ولا عكس أحد ذلك فقدّم حظّ نفسه على حقّ ربّه إلاّ ورأى الشّقاوة في الدّنيا والآخرة. واستشهد بقول القائل: