للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا قل لزوّار دار الحبيب … هنيئا لكم في الجنان الخلود

أفيضوا علينا من الماء فيضا … فنحن عطاش وأنتم ورود

لئن سار القوم وقعدنا، وقربوا وبعدنا، فما يؤمننا أن نكون ممّن {كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ} [التّوبة: ٤٦].

لله درّ ركائب سارت بهم … تطوي القفار الشّاسعات على الدّجا

رحلوا إلى البيت الحرام وقد شجا … قلب المتيّم منهم ما قد شجا

نزلوا بباب لا يخيب نزيله … وقلوبهم بين المخافة والرّجا

على أنّ المتخلّف لعذر شريك للسّائر، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا رجع من غزوة تبوك: «إنّ بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلاّ كانوا معكم، خلّفهم (١) العذر».

يا سائرين إلى البيت العتيق لقد … سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا

إنّا أقمنا على عذر وقد رحلوا … ومن أقام على عذر كمن راحا

وربّما سبق بعض من سار بقلبه وهمّته وعزمه بعض السائرين ببدنه.

رأى بعض الصالحين في منامه عشيّة عرفة بعرفة قائلا يقول له: ترى هذا الزّحام بالموقف؟ قال: نعم. قال: ما حجّ منهم إلاّ رجل تخلّف عن الموقف، فحجّ بهمّته، فوهب الله له أهل الموقف. ما الشأن فيمن سار ببدنه، إنما الشأن فيمن قعد بدنه وسار بقلبه، حتى سبق الرّكب.


(٤) - قال الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ١٥٢): «وفيه الحارث ابن عمران الجعفري، وهو ضعيف».
(١) الحديث أخرجه البخاري (٤/ ٣١) (٤٤٢٣) عن أنس. ومسلم (٦/ ٤٩) (١٩١١) عن جابر، وعندهما: «حبسهم» مكان «خلفهم».

<<  <   >  >>