للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المال لمن استعان به على طاعة الله وأنفقه في سبيل الخيرات المقرّبة إلى الله، سبب موصل له إلى الله، وهو لمن أنفقه في معاصي الله، واستعان به على نيل أغراضه المحرّمة، أو اشتغل به عن طاعة الله، سبب قاطع له عن الله، كما قال أبو سليمان الدّاراني: الدنيا حجاب عن الله لأعدائه، ومطية موصلة إليه لأوليائه، فسبحان من جعل شيئا واحدا سببا للاتصال به والانقطاع عنه.

وقد مدح الله في كتابه القسم الأول، وذمّ القسم الثاني، فقال في مدح الأولين: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٢٧٤]. وقال:

{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٢٩ - ٣٠]، والآيات في المعنى كثيرة جدّا.

وقال في ذمّ الآخرين: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ} [المنافقون: ٩ - ١٠].

وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس أحد لا يؤتى زكاة ماله إلاّ سأل الرّجعة عند الموت، ثم تلا هذه الآية. وأخبر الله عن أهل النّار الذين يؤتى أحدهم كتابه بشماله أنّه يقول: {ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ} [الحاقة: ٢٨ - ٢٩].

والأحاديث في مدح من أنفق ماله في سبيل الطاعات، وفي ذمّ من لم يؤدّ حقّ الله منه كثيرة جدّا. وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «نعم المال الصّالح للرّجل الصّالح» (١).


(١) أخرجه: أحمد (٢٠٢، ٤/ ١٩٧)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٢٩٩).

<<  <   >  >>