للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: «الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة، إلاّ من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله ومن خلفه، وقليل ما هم» (١). وقال: «إنّ هذا المال خضرة حلوة؛ فمن أخذه بحقّه ووضعه في حقّه، فنعم المعونة هو. وإن أخذه بغير حقّه، كان كالذي يأكل ولا يشبع» (٢).

فالمؤمن الذي يأخذ المال من حقّه ويضعه في حقّه، فله أجر ذلك كلّه، وكلما أنفق منه يبتغي به وجه الله فهو له صدقة يؤجر عليها، حتى ما يطعم نفسه فهو له صدقة، وما يطعم ولده فهو له صدقة، وما يطعم أهله فهو له صدقة، وما يطعم خادمه فهو له صدقة. وكان عامة أهل الأموال من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم من هذا القسم.

قال أبو سليمان: كان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف خازنين من خزان الله تعالى في أرضه، ينفقان في طاعته، وكانت معاملتهما لله بقلوبهما.

ورأس المنفقين أموالهم في سبيل الله من هذه الأمة أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه، وفيه نزلت هذه الآية {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى} [الليل: ١٧ - ٢٢].

وفي «صحيح الحاكم» عن ابن الزّبير، قال: قال أبو قحافة لأبي بكر: أراك تعتق رقابا ضعافا، فلو أنّك إذا فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا، يمنعونك ويقومون دونك. فقال أبو بكر: يا أبت، إنّي إنّما أريد ما أريد. قال: وإنّما نزلت هذه الآيات فيه {فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى} [الليل: ٥] إلى آخر السورة (٣).


(١) هو جزء من حديث طويل عند: البخاري (١١٧، ٨/ ٧٤، ٣/ ١٥٢) (٢٣٨٨)، ومسلم (٧٥/ ٣) (٩٤)، وأحمد (١٦٦، ١٦١، ٥/ ١٥٢)، والترمذي (٢٦٤٤) عن أبي ذر.
(٢) أخرجه: البخاري (٨/ ١١٦، ١١٣، ٤/ ٦، ٢/ ١٥٢) (١٤٦٥) (١٤٧٢) (٢٧٥٠) (٢٨٤٢)، ومسلم (٣/ ٩٤) (١٠٥٢)، وأحمد (٣/ ٤٣٤)، والنسائي (١٠٠، ٥/ ٦٠، ١٠١)، والترمذي (٢٤٦٣) من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.
(٣) أخرجه: الحاكم (٢/ ٥٢٥).

<<  <   >  >>