مالك وغشي عليه {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة: ١٠ - ١٢]. قال عمر بن عبد العزيز في حجة حجّها عند دفع الناس من عرفة: ليس السّابق اليوم من سبق به بعيره، إنّما السّابق من غفر له.
كان رأس السّابقين إلى الخيرات من هذه الأمّة أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه، قال عمر: ما استبقنا إلى شيء من الخير إلاّ سبقنا أبو بكر، وكان سبّاقا بالخيرات.
ثم كان السّابق بعده إلى الخيرات عمر، وفي آخر حجّة حجّها عمر جاء رجل لا يعرف، كانوا يرونه من الجن، فرثاه بأبيات منها:
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة … ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق
صاحب الهمّة العالية والنفس الشريفة التوّاقة لا يرضى بالأشياء الدنية الفانية، وإنّما همّته المسابقة إلى الدّرجات الباقية الزاكية، التي لا تفنى ولا يرجع عن مطلوبه، ولو تلفت نفسه في طلبه. ومن كان في الله تلفه كان على الله خلفه. قيل لبعض المجتهدين في الطاعات: لم تعذّب هذا الجسد؟ قال: كرامته أريد.
وإذا كانت النّفوس كبارا … تعبت في مرادها الأجسام
قال عمر بن عبد العزيز: إنّ لي نفسا توّاقة، ما نالت شيئا إلاّ تاقت إلى ما هو أفضل منه، وإنّها لمّا نالت هذه المنزلة - يعني الخلافة - وليس في الدنيا منزلة أعلى منها، تاقت إلى ما هو أعلى من الدنيا، يعني الآخرة.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم … وتأتي على قدر الكرام المكارم
قيمة كلّ إنسان ما يطلب؛ فمن كان يطلب الدنيا فلا أدنى منه؛ فإنّ الدنيا دنيّة، وأدنى منها من يطلبها، وهي خسيسة؛ وأخسّ منها من يخطبها. قال بعضهم: القلوب جوّالة، فقلب يجول حول العرش، وقلب يجول حول