للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأسنده الأعمش، ورواه منصور عن إبراهيم مرسلا، وكذلك أجاب غيره من العلماء بأنّه إذا اختلفت عائشة وحفصة في النفي والإثبات أخذ بقول المثبت؛ لأنّ معه علما خفي على النّافي.

وأجاب أحمد مرّة أخرى بأنّ عائشة أرادت أنّه لم يصم العشر كاملا، يعني وحفصة أرادت أنّه كان يصوم غالبه؛ فينبغي أن يصام بعضه ويفطر بعضه.

وهذا الجمع يصحّ في رواية من روى: «ما رأيته صائما العشر». وأمّا من روى: «ما رأيته صائما في العشر» فيبعد أو يتعذّر هذا الجمع فيه.

وكان ابن سيرين يكره أن يقال: صام العشر؛ لأنه يوهم دخول يوم النّحر فيه، وإنما يقال: صام التّسع، ولكن الصّيام إذا أضيف إلى العشر فالمراد صيام ما يجوز صومه منه. وقد سبق حديث أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم العشر. ولو نذر صيام العشر، فينبغي أن ينصرف إلى التسع أيضا، فلا يلزم بفطر يوم النّحر قضاء ولا كفّارة؛ فإنّه غلب استعماله عرفا في التسع.

ويحتمل أن يخرّج في لزوم القضاء والكفّارة خلاف؛ فإنّ أحمد قال فيمن نذر صوم شوّال فأفطر يوم الفطر وصام باقيه، أنّه يلزمه قضاء يوم وكفّارة.

وقال القاضي أبو يعلى: هذا إذا نوى صوم جميعه، فأمّا إن أطلق لم يلزمه شيء؛ لأنّ يوم الفطر مستثنى شرعا. وهذه قاعدة من قواعد الفقه، وهي أنّ العموم هل يخصّ بالشرع أم لا؟ ففي المسألة خلاف مشهور.

وأمّا قيام ليالي العشر؛ فمستحبّ، وقد سبق الحديث في ذلك، وقد ورد في خصوص إحياء ليلتي العيدين أحاديث لا تصحّ، وورد إجابة الدّعاء فيهما، واستحبّه الشافعيّ وغيره من العلماء. وكان سعيد بن جبير، وهو الذي روى هذا الحديث عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، إذا دخل العشر اجتهد اجتهادا حتّى ما يكاد يقدر عليه. وروي عنه أنّه قال: لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر؛ تعجبه العبادة.

<<  <   >  >>