للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمّا استحباب الإكثار من الذكر فيها؛ فقد دلّ عليه قول الله عزّ وجلّ:

{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ} [الحجّ: ٢٨]، فإنّ الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء. وسيأتي ذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وفي «مسند الإمام أحمد» عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «ما من أيام أعظم [عند الله] ولا أحبّ إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التّهليل والتكبير والتحميد» (١).

فإن قيل: فإذا كان العمل في أيام العشر أفضل من العمل في غيرها، وإن كان ذلك العمل أفضل في نفسه ممّا عمل في العشر؛ لفضيلة العشر في نفسه، فيصير العمل المفضول فيه فاضلا حتى يفضل على الجهاد الذي هو أفضل الأعمال، كما دلّت على ذلك النّصوص الكثيرة، وهو قول الإمام أحمد وغيره من العلماء، فينبغي أن يكون الحجّ أفضل من الجهاد؛ لأنّ الحجّ مخصوص بالعشر، وهو من أفضل ما عمل في العشر، أو أفضل ما عمل فيه. فكيف كان الجهاد أفضل من الحج؟ فإنه ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه «أنّ رجلا قال: يا رسول الله، أيّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قال:

ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قال: ثم ماذا؟ قال: حجّ مبرور» (٢).

قيل: التطوّع بالجهاد أفضل من التطوّع بالحجّ عند جمهور العلماء، وقد نصّ عليه الإمام أحمد، وهو مروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وروي فيه أحاديث مرفوعة، في أسانيدها مقال. وحديث أبي هريرة هذا صريح في ذلك.


(١) أخرجه: أحمد (١٣١، ٢/ ٧٥)، وأصل الحديث في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقد تقدم.
(٢) أخرجه: البخاري (١/ ١٣) (٢٦)، ومسلم (١/ ٦٢) (٨٣)، والنسائي (٥/ ١١٣)، والترمذي (١٦٥٨).

<<  <   >  >>