أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها خمسة: الشهادتان، والصّلاة، والزّكاة، وصيام رمضان، والحجّ. فأعياد عموم المسلمين في الدنيا عند إكمال دور الصلاة، وإكمال الصيام، والحج، يجتمعون عند ذلك اجتماعا عامّا. فأمّا الزّكاة فليس لها وقت معين ليتّخذ عيدا، بل كلّ من ملك نصابا فحوله بحسب ملكه. وأمّا الشهادتان فإكمالهما يحصل بتحقيقهما والقيام بحقوقهما؛ وخواصّ المؤمنين يجتهدون على ذلك في كلّ وقت، فلذلك كانت أوقاتهم كلّها أعيادا لهم في الدنيا والآخرة، كما أنشد الشّبليّ:
عيدي مقيم وعيد الناس منصرف … والقلب منّي عن اللذّات منحرف
ولي قرينان مالي منهما خلف … طول الحنين وعين دمعها يكف
ولمّا كان عيد النّحر أكبر العيدين وأفضلهما، ويجتمع فيه شرف المكان والزمان لأهل الموسم، كانت لهم فيه معه أعياد قبله وبعده؛ فقبله يوم عرفة، وبعده أيّام التشريق. وكلّ هذه الأيّام أعياد لأهل الموسم، كما في حديث عقبة بن عامر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال:«يوم عرفة، يوم النّحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب»(١) خرّجه أهل السنن وصححه الترمذي.
ولهذا لا يشرع لأهل الموسم صوم يوم عرفة؛ لأنّه أوّل أعيادهم وأكبر مجامعهم، وقد أفطره النبي صلّى الله عليه وسلّم بعرفة والناس ينظرون إليه. وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.
وروي عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن النهي عن صيام يوم عرفة بعرفة، فقال: لأنهم زوّار الله وأضيافه، ولا ينبغي للكريم أن يجوّع أضيافه. وهذا
(١) أخرجه: أحمد (٤/ ١٥٢)، وأبو داود (٢٤١٩)، والترمذي (٧٧٣)، والنسائي (٥/ ٢٥٢).