للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ذو النون: ما طابت الدنيا إلاّ بذكره، ولا الآخرة إلاّ بعفوه، ولا الجنّة إلاّ برؤيته.

بذكر الله ترتاح القلوب … ودنيانا بذكراه تطيب

إذا ذكر المحبوب عند حبيبه … ترنّح نشوان وحنّ طروب

فأيّام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشّرب، ونعيم قلوبهم بالذّكر والشكر؛ وبذلك تتم النّعمة، وكلما أحدثوا شكرا على النّعمة كان شكرهم نعمة أخرى، فيحتاج إلى شكر آخر، ولا ينتهي الشكر أبدا.

إذا كان شكري نعمة الله نعمة … عليّ له في مثلها يجب الشّكر

فكيف بلوغ الشّكر إلاّ بفضله … وإن طالت الأيّام واتّصل العمر

وفي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عزّ وجلّ» إشارة إلى أنّ الأكل في أيّام الأعياد والشّرب إنّما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته، وذلك من تمام شكر النّعمة أن يستعان بها على الطاعات. وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات، والشكر له [بعمل الطّاعات] (١)، فمن استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدّلها كفرا، وهو جدير أن يسلبها، كما قيل:

إذا كنت في نعمة فارعها … فإنّ المعاصي تزيل النّعم

وداوم عليها بشكر الإله … فشكر الإله يزيل النّقم

وخصوصا نعمة الأكل من لحوم بهيمة الأنعام، كما في أيام التشريق؛ فإنّ هذه البهائم مطيعة لله لا تعصيه، وهي مسبحة له قانتة، كما قال تعالى: {وَإِنْ}


(١) من (أ).

<<  <   >  >>