بعث أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه في خلافته وفدا إلى اليمن، فاجتازوا في طريقهم بماء من مياه العرب، عنده قصور مشيدة، وهناك مواش عظيمة، ورقيق كثير، ورأوا نسوة كثيرة مجتمعات في عرس لهنّ، وجارية بيدها دفّ، وهي تقول:
ثم إنّ بعض أولئك الوفد أرسلهم معاوية إلى اليمن، فمرّوا بالقرب من ذلك الماء، فعدلوا إليه لينزلوا فيه، فإذا القصور المشيدة قد خربت كلّها وليس هناك ماء ولا أنيس، ولم يبق من تلك الآثار إلاّ تلّ خراب، فذهبوا إليه، فإذا عجوز عمياء تأوي إلى نقب في ذلك التّلّ، فسألوها عن أهل ذلك الماء، فقالت:
هلكوا كلّهم، فسألوها عن ذلك العرس المتقدم، فقالت: كانت العروس أختي، وأنا كنت صاحبة الدّفّ، فطلبوا أن يحملوها معهم فأبت، وقالت:
عزيز عليّ أن أفارق هذه العظام البالية حتّى أصير إلى ما صارت إليه. فبينما هي تحدّثهم إذ مالت فنزعت نزعا يسيرا ثم ماتت، فدفنوها وانطلقوا.
حمل إلى سليمان بن عبد الملك في خلافته من خراسان ستة أحمال مسك إلى الشام، فأدخلت على ابنه أيوب، وهو وليّ عهده، فدخل عليه الرسول بها في داره، فدخل إلى دار بيضاء وفيها غلمان عليهم ثياب بياض وحليتهم فضّة، ثم دخل إلى دار صفراء فيها غلمان عليهم ثياب صفر وحليتهم الذّهب؛ ثم دخل إلى دار خضراء فيها غلمان عليهم ثياب خضر وحليتهم الزمرّد، ثم دخل على أيوب وهو وجاريته على سرير، فلم يعرف أحدهما من الآخر لقرب شبههما، فوضع المسك بين يديه فانتهبه كلّه الغلمان، ثم خرج الرسول فغاب