للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى كم والممات إلى قريب … تذكّر بالممات (١) وأنت ناسي

جزع الحسن بن عليّ رضي الله عنهما عند موته، وقال: إني أريد أن أشرف على ما لم أشرف عليه قطّ. وبكى الحسن البصريّ عند موته، وقال: نفيسة ضعيفة وأمر مهول عظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وكان حبيب العجمي عند موته يبكي ويقول: إنّي أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قطّ، وأسلك طريقا ما سلكته قطّ، وأزور سيدي ومولاي وما رأيته قطّ، وأشرف على أهوال ما شاهدتها قطّ.

فهذا كلّه من هول المطّلع الذي قطع قلوب الخائفين (٢)، حتى قال عمر عند موته: لو أنّ لي ما في الأرض لافتديت به من هول المطّلع. ومن هول المطّلع ما يكشف للميت عند نزوله قبره من فتنة القبر؛ فإنّ الموتى يفتنون بالمسألة في قبورهم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدّجّال، وما يكشف لهم في قبورهم عن منازلهم من الجنة والنار، وما يلقون من ضمّة القبر وضيقته وهوله وعذابه إن لم يعاف الله من ذلك.

[ولأبي العتاهية:

لأبكينّ على نفسي وحقّ ليه … يا عين لا تبخلي عنّي بعبرتيه

يا هول مطّلعي، يا ضيق مضطجعي … يا نأي منتجعي، يا بعد شقّتيه] (٣)

رئي بعض الصّالحين في المنام بعد موته فسئل عن حاله، فأنشد:

وليس يعلم ما في القبر داخله … إلاّ الإله وساكن الأجداث


(١) في ب: «بالمعاد».
(٢) في أ: «الذي لقلوب الخائفين قطع».
(٣) ليس في أ، ب.

<<  <   >  >>