للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يتخوّف على أمّته من فتح الدنيا عليهم، فيخاف عليهم الافتتان بها. ففي «الصحيحين» عن عمرو بن عوف أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال للأنصار لما جاءه مال البحرين: «أبشروا وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدّنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم؛ فتنافسوها كما تنافسوها؛ فتهلككم كما أهلكتهم» (١).

وكان آخر خطبة خطبها على المنبر حذّر فيها من زهرة الدنيا، ففي «الصحيحين» عن عقبة بن عامر أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم صعد المنبر، فقال: «إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها، فتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم» قال عقبة: فكان آخر ما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر (٢).

وفي «صحيح مسلم» عن عبد الله بن عمرو أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم، أيّ قوم أنتم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف:

نقول كما أمرنا الله عزّ وجلّ. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أو غير ذلك، تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون» (٣).

وفي «المسند» عن عمر، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «لا تفتح الدنيا على أحد إلاّ ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. قال عمر: وأنا أشفق من ذلك» (٤).

وفيه أيضا عن أبي ذرّ، أنّ أعرابيّا قال: يا رسول الله! أكلتنا الضّبع - يعني السّنة والجدب - فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «غير ذلك أخوف منّي عليكم حين تصبّ


(١) أخرجه: البخاري (٨/ ١١٢) (٣١٥٨) (٤٠١٥)، ومسلم (٨/ ٢١٢) (٢٩٦١).
(٢) أخرجه: البخاري (٨/ ١١٢ - ١٥١، ١١٣) (٤٠٤٢)، ومسلم (٧/ ٦٨) (٢٢٩٦).
(٣) أخرجه: مسلم (٨/ ٢١٢) (٢٩٦٢).
(٤) أخرجه: أحمد (١/ ١٦).

<<  <   >  >>