للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثل حرام الدّنيا كشجرة الدّفلى، تعجب من رآها، وتقتل من أكلها.

نرى الدّنيا وزهرتها فنصبوا … وما يخلو من الشّهوات قلب

فضول العيش أكثره هموم … وأكثر ما يضرّك ما تحبّ

إذا اتفق القليل وفيه سلم … فلا ترد الكثير وفيه حرب

الذي بشّر أمّته بفتح الدنيا عليهم حذّرهم من الاغترار بزهرتها، وخوّفهم من خضرتها وحلاوتها، وأخبرهم بخرابها وفنائها، وأنّ بين أيديهم دارا لا تنقطع خضرتها وحلاوتها؛ فمن وقف مع زهرة هذه العاجلة انقطع وهلك، ومن لم يقف معها وسار إلى تلك، وصل ونجا.

في «المسند» عن ابن عباس: «أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أتاه فيما يرى النائم ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: اضرب له مثلا، فقال: إنّ مثله ومثل أمّته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة، فلم يكن معهم من الزّاد ما يقطعون به المفازة، ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلّة حبرة، فقال: أرأيتم إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أتتبعوني؟ قالوا: نعم. قال: فانطلق بهم فأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء، فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم: ألم ألقكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتّبعوني؟ قالوا: بلى. قال:

فإنّ بين أيديكم رياضا هي أعشب من هذه، وحياضا هي أروى من هذه، فاتّبعوني. قال: فقالت طائفة صدق والله، لنتّبعنّه. وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه (١).


(١) أخرجه: أحمد (١/ ٢٦٧)، وفي إسناده: علي بن زيد بن جدعان، ويوسف بن مهران وهما ضعيفان.
ورواه البزار (٢٤٠٧ - كشف)، والطبراني في «الكبير» (١٢٩٤٠).

<<  <   >  >>