للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الأخذ منها إلاّ إذا نفد ما عنده وخرجت فضلاته، فلا يوجب له هذا الأخذ ضررا ولا مرضا ولا هلاكا، بل يكون ذلك بلاغا له، ويتبلّغ به مدّة حياته، ويعينه على التزوّد لآخرته.

وفي هذا إشارة إلى مدح من أخذ من حلال الدنيا بقدر بلغته وقنع بذلك، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «قد أفلح من هداه الله إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا فقنع به» (١) وقال صلّى الله عليه وسلّم: «خير الرّزق ما يكفي» (٢). وقال: «اللهم اجعل رزق آل محمّد قوتا» (٣).

خذ من الرّزق ما كفى … ومن العيش ما صفا

كلّ هذا سينقضي … كسراج إذا انطفا

ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن هذا المال خضرة حلوة» فأعاد مرّة ثانية تحذيرا من الاغترار به، فخضرته بهجة منظره، وحلاوته طيب طعمه؛ فلذلك تشتهيه النفوس وتسارع إلى طلبه، ولكن لو فكرت في عواقبه لهربت منه. الدنيا في الحال حلوة خضرة، وفي المآل مرّة كدرة؛ نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة!

إنّما الدّنيا نهار … ضوؤه ضوء معار

بينما عيشك غضّ … ناعم فيه اخضرار

إذ رماه زمناه … فإذا فيه اصفرار

وكذاك اللّيل يأتي … ثم يمحوه النّهار


(١) أخرجه: مسلم (٣/ ١٠٢) (١٠٥٤)، والترمذي (٢٣٤٨)، وأحمد (١٧٣، ٢/ ١٦٨)، ابن ماجه (٤١٣٨).
(٢) أخرجه: أحمد (١٨٧، ١٨٠، ١/ ١٧٢) عن سعد بن أبي وقاص.
(٣) أخرجه: البخاري (٨/ ١٢٢) (٦٤٦٠)، ومسلم (٣/ ١٠٣) (١٠٥٥)، والترمذي (٢٣٦١)، وابن ماجه (٤١٣٩) عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>