للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوا عجبا كيف يعصى الإله … أم كيف يجحده الجاحد

ولله في كلّ تحريكة … وتسكينة أبدا شاهد

وفي كلّ شيء له آية … تدلّ على أنّه واحد

ومن وجوه الاعتبار في النّظر إلى الأرض التي أحياها الله بعد موتها في فصل الربيع بما ساق إليها من قطر السماء، أنه يرجى من كرمه أن يحيي القلوب الميتة بالذنوب وطول الغفلة، بسماع الذّكر النازل من السماء، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: ١٦] إلى قوله: {اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} [الحديد: ١٧]، ففيه إشارة إلى أنّ من قدر على إحياء الأرض بعد موتها بوابل القطر، فهو قادر على إحياء القلوب الميتة القاسية بالذكر. عسى لمحة من لمحات عطفه، ونفحة من نفحات لطفه، وقد صلح من القلوب كل ما فسد، فهو اللطيف الكريم:

عسى فرج يأتي به الله إنّه … له كلّ يوم في خليقته أمر

إذا اشتدّ عسر فارج يسرا فإنّه … قضى الله أنّ العسر يتبعه اليسر (١)

عسى من أحيا الأرض الميتة بالقطر أن يحيي القلوب الميتة بالذّكر. عسى نفحة من نفحات رحمته تهب؛ فمن أصابته سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا.

إذا ما تجدّد فصل الرّبيع … تجدّد للقلب فضل (٢) الرّجاء

عسى الحال يصلح بعد الذنوب … كما الأرض تهتزّ بعد الشتاء

ومن ذا الذي ليس يرجوك ربّ … وربع عطائك رحب الفناء

***


(١) هذا البيت من (أ).
(٢) في (أ): «فصل».

<<  <   >  >>