للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمّا الأماكن؛ فخلق الله تعالى بعض البلدان؛ كالشام وغيرها، فيها من المطاعم والمشارب والملابس وغير ذلك من نعيم الدنيا ما يذكّر بنعيم الجنّة.

وأمّا الأزمان؛ فكزمن الرّبيع؛ فإنّه يذكّر طيبه بنعيم الجنّة وطيبها، وكأوقات الأسحار؛ فإنّ بردها يذكّر ببرد الجنة.

وفي الحديث الذي خرّجه الطبراني: «إنّ الجنّة تفتح في كلّ ليلة في السحر، فينظر الله إليها، فيقول لها: ازدادي طيبا لأهلك، فتزداد طيبا، فذلك برد السّحر الذي يجده الناس». وروى سعيد الجريريّ، عن سعيد بن أبي الحسن، أن داود عليه السّلام قال: يا جبريل، أيّ الليل أفضل؟ قال: ما أدري، غير أنّ العرش يهتزّ إذا كان من السّحر، ألا ترى أنه يفوح ريح كلّ الشجر.

ومنها: ما يذكّر بالنّار:

فإنّ الله تعالى جعل في الدنيا أشياء كثيرة تذكّر بالنار المعدّة لمن عصاه وبما فيها من الآلام والعقوبات من أماكن وأزمان وأجسام وغير ذلك:

أمّا الأماكن؛ فكثير من البلدان مفرطة الحرّ أو البرد، فبردها يذكّر بزمهرير جهنّم، وحرّها يذكّر بحرّ جهنّم وسمومها، وبعض البقاع يذكّر بالنار، كالحمّام. قال أبو هريرة: نعم البيت الحمّام يدخله المؤمن فيزيل به الدّرن، ويستعيذ بالله فيه من النّار (١).

كان السّلف يذكرون النّار بدخول الحمّام، فيحدث ذلك لهم عبادة. دخل ابن وهب الحمّام، فسمع تاليا يتلو: {وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ} [غافر: ٤٧]، فغشي عليه.

وتزوّج صلة بن أشيم، فدخل الحمّام، ثم دخل على زوجته تلك الليلة، فقام


(١) أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» (١١٧٠).

<<  <   >  >>