للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفكروا في {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: ١٦٤]؛ وتفكّروا في {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ} [البقرة: ١٦٤]؛ وتفكّروا في مجيء الشتاء والصيف، فو الله ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق لهم ربّهم حتى أيقنت قلوبهم، وحتى كأنّما عبدوا الله عن رؤيته.

يذكّرنيك الحرّ والبرد، والذي أخاف وأرجو، والذي أتوقّع. ما رأى العارفون شيئا من الدنيا إلاّ تذكّروا به ما وعد الله به من جنسه في الآخرة.

قلوب العارفين لها عيون … ترى ما لا يراه النّاظرونا

وأمّا الأزمان؛ فشدّة الحر والبرد يذكّر بما في جهنّم من الحر والزمهرير، وقد دلّ هذا الحديث الصحيح على أنّ ذلك من تنفس النار في ذلك الوقت.

قال الحسن: كلّ برد أهلك شيئا فهو من نفس جهنّم، وكلّ حرّ أهلك شيئا فهو من نفس جهنّم. وفي الحديث الصحيح أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصّلاة، فإنّ شدّة الحرّ من فيح جهنّم» (١).

وفي حديث مرفوع خرّجه عثمان الدارميّ وغيره: «إذا كان يوم شديد الحرّ، فقال العبد: لا إله إلا الله، ما أشدّ حرّ هذا اليوم، اللهم أجرني من حرّ جهنّم، قال الله لجهنّم: إنّ عبدا من عبادي قد استجار بي منك، وقد أجرته.

وإذا كان يوم شديد البرد، فقال العبد: لا إله إلا الله، ما أشدّ برد هذا اليوم! اللهم أجرني من زمهرير جهنّم، قال الله لجهنّم: إنّ عبدا من عبادي قد استجار بي من زمهريرك، وإني أشهدك أنّي قد أجرته. قالوا: وما زمهرير جهنّم؟ قال: بيت يلقى فيه الكافر فيتميّز من شدّه برده».


(١) أخرجه: البخاري (١/ ١٤٢) (٥٣٤)، ومسلم (١٠٨، ٢/ ١٠٧) (٦١٥)، وأحمد (٦٦٦/ ٢، ٤٦٢، ٣٩٤، ٢٨٥، ٢٣٨)، والترمذي (١٥٧)، والنسائي (١/ ٢٤٨)، وابن ماجه (٦٧٨)، وأبو داود (٤٠٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>