وشهود الجنائز ونحوها من الطاعات، والجلوس في الشمس لانتظار ذلك، حيث لا يوجد ظلّ.
خرج رجل من السلف إلى الجمعة، فوجد الناس قد سبقوه إلى الظلّ، فقعد في الشمس، فناداه رجل من الظّلّ أن يدخل إليه، فأبى أن يتخطّى الناس لذلك، ثم تلا:{وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[لقمان: ١٧].
كان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حرّ الظهيرة يذكر انصراف النّاس من موقف الحساب إلى الجنّة أو النار؛ فإنّ السّاعة تقوم يوم الجمعة، ولا ينتصف ذلك النّهار حتى يقيل أهل الجنّة في الجنّة، وأهل النّار في النار؛ قاله ابن مسعود، وتلا قوله تعالى:{أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً}[الفرقان: ٢٤].
وينبغي لمن كان في حرّ الشمس أن يتذكّر حرّها في الموقف؛ فإنّ الشمس تدنو من رءوس العباد يوم القيامة ويزاد في حرّها، وينبغي لمن لا يصبر على حرّ الشمس في الدنيا أن يجتنب من الأعمال ما يستوجب صاحبه دخول النار؛ فإنّه لا قوّة لأحد عليها ولا صبر.
قال قتادة، وقد ذكر شراب أهل جهنّم، وهو ما يسيل من صديدهم من الجلد واللحم، فقال: هل لكم بهذا يدان أم لكم عليه صبر؟ طاعة الله أهون عليكم يا قوم، فأطيعوا الله ورسوله.
نسيت لظى عند ارتكابك للهوى … وأنت توقّى حرّ شمس الهواجر
كأنّك لم تدفن حميما ولم تكن … له في سياق الموت يوما بحاضر
رأى عمر بن عبد العزيز قوما في جنازة قد هربوا من الشمس إلى الظّلّ، وتوقّوا الغبار، فبكى، ثم أنشد: