للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشهد لهذا ما خرّجه الإمام أحمد والترمذيّ من حديث عليّ أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، أخبرني بشهر أصومه بعد شهر رمضان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله، وفيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب على آخرين» (١). وفي إسناده مقال.

ولكن يقال: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم شهر شعبان، ولم ينقل عنه أنّه كان يصوم المحرم، إنما كان يصوم عاشوراء. وقوله في آخر سنة: «لئن عشت إلى قابل لأصومنّ التاسع» (٢) يدلّ على أنه كان لا يصوم التاسع قبل ذلك. وقد أجاب النّاس عن هذا السؤال بأجوبة فيها ضعف.

والذي ظهر لي - والله أعلم - أن التطوّع بالصّيام نوعان:

أحدهما: التطوع المطلق بالصوم، فهذا أفضله المحرم، كما أن أفضل التطوّع المطلق بالصّلاة قيام الليل.

والثاني: ما صيامه تبع لصيام رمضان قبله وبعده، فهذا ليس من التطوّع المطلق، بل صيامه تبع لصيام رمضان، وهو ملتحق بصيام رمضان، ولهذا قيل: إنّ صيام ستة أيام من شهر شوال يلتحق بصيام رمضان، ويكتب بذلك لمن صامها مع رمضان صيام الدّهر فرضا.

وقد روي أن أسامة بن زيد كان يصوم الأشهر الحرم، فأمره النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بصيام شوال، فترك الأشهر الحرم وصام شوالا (٣). وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.


(١) أخرجه: أحمد (١٥٥، ١/ ١٥٤) والترمذي (٧٤١) وإسناده ضعيف.
وراجع: «مسند البزار» (٦٩٩)، و «الكامل» (٤/ ١٦١٤).
(٢) أخرجه: مسلم (٣/ ١٥١) (١١٣٤).
(٣) أخرجه: ابن ماجه (١٧٤٤) وسنده منقطع.

<<  <   >  >>