للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا النوع من الصّيام يلتحق برمضان، وصيامه أفضل التطوّع مطلقا. فأما التطوّع المطلق فأفضله صيام الأشهر الحرم. وقد روي عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه أمر رجلا أن يصوم الأشهر الحرم، وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

وأفضل صيام الأشهر الحرم صيام شهر الله المحرّم، ويشهد لهذا أنه صلّى الله عليه وسلّم قال في هذا الحديث: «وأفضل الصّلاة بعد المكتوبة قيام اللّيل»، ومراده بعد المكتوبة ولواحقها من سننها الرّواتب، فإنّ الرّواتب قبل الفرائض وبعدها أفضل من قيام الليل عند جمهور العلماء؛ لالتحاقها بالفرائض. وإنما خالف في ذلك بعض الشافعية. فكذلك الصّيام قبل رمضان وبعده ملتحق برمضان، وصيامه أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوّع المطلق بالصّيام صيام المحرّم.

وقد اختلف العلماء في أي الأشهر الحرم أفضل:

فقال الحسن وغيره: أفضلها شهر الله المحرّم، ورجّحه طائفة من المتأخرين. وروى وهب بن جرير، عن قرّة بن خالد، عن الحسن، قال:

إن الله افتتح السّنة بشهر حرام، وختمها بشهر حرام. فليس شهر في السّنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرّم، وكان يسمى «شهر الله الأصمّ»؛ من شدّة تحريمه. وقد روي عنه مرفوعا ومرسلا.

قال آدم بن أبي إياس: حدثنا أبو هلال الراسبيّ، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الصّلاة بعد المكتوبة الصّلاة في جوف الليل الأوسط، وأفضل الشهور بعد شهر رمضان المحرّم، وهو شهر الله الأصمّ» (١).

وخرّج النسائي من حديث أبي ذرّ، قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الليل خير،


(١) أخرجه: الحاكم (١/ ٣٠٧)، وابن خزيمة (١١٣٤).

<<  <   >  >>