أشرقت وخفّ حرّها، ولولا ذلك ما انتفع بها أهل الدنيا، وهي تدعو الله ألا يعيدها إليها. قال بعض السّلف: لو أخرج أهل النار منها إلى نار الدنيا لقالوا فيها ألفي عام. يعني أنهم كانوا ينامون فيها ويرونها بردا.
كان عمر يقول: أكثروا ذكر النّار؛ فإنّ حرّها شديد، وإنّ قعرها بعيد، وإنّ مقامعها حديد. كان ابن عمر وغيره من السلف إذا شربوا ماء باردا بكوا وذكروا أمنيّة أهل النار وأنّهم يشتهون الماء البارد، وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون، ويقولون لأهل الجنة:{أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ}[الأعراف:
٥٠]، فيقولون لهم: إنّ الله قد حرمهما على الكافرين. والمصيبة العظمى حين تطبق النّار على أهلها، وييأسون من الفرج، وهو الفزع الأكبر الذي يأمنه أهل الجنة {الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ}[الأنبياء: ١٠١].
لو أبصرت عيناك أهل الشّقا … سيقوا إلى النّار وقد أحرقوا
شرابهم المهل في قعرها … إذ خالفوا الرّسل وما صدّقوا