من يعقل. قيل له: وما هذه الأعداء؟ قال: أمّا أربعة فمؤمن يحسدني، ومنافق يبغضني، وكافر يقاتلني، وشيطان يغويني ويضلني. أمّا العشرة: فالجوع، والعطش، والحرّ، والبرد، والعري، والمرض، والفاقة، والهرم، والموت، والنّار، ولا أطيقهنّ إلاّ بسلاح تام، ولا أجد لهنّ سلاحا أفضل من التقوى.
فعدّ الحرّ والبرد من جملة أعدائه.
وقال الأصمعي: كانت العرب تسمّي الشتاء الفاضح، فقيل لامرأة منهم:
أيما أشدّ عليكم؛ القيظ أم القرّ؟ قالت: سبحان الله! من جعل البؤس كالأذى؟ فجعلت الشتاء بؤسا، والقيظ أذى.
قال بعض السّلف: إن الله تعالى وصف الجنّة بصفة الصيف لا بصفة الشتاء، فقال تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} [الواقعة: ٢٨ - ٣١]. وقد قال الله تعالى في صفة أهل الجنة:{مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً}[الإنسان: ١٣]؛ فنفى عنهم شدّة الحرّ والبرد. قال قتادة: علم الله أنّ شدّة الحرّ تؤذي، وشدّة البرد تؤذي؛ فوقاهم أذاهما جميعا.
قال أبو عمرو بن العلاء: إنّي لأبغض الشتاء لنقص الفروض، وذهاب الحقوق، وزيادة الكلفة على الفقراء. وقد روي في حديث مرفوع: أنّ الملائكة تفرح بذهاب الشتاء؛ لما يدخل فيه على فقراء المؤمنين من الشّدّة.
ولكن لا يصحّ إسناده. وروي أيضا مرفوعا:«خير صيفكم أشدّه حرّا، وخير شتائكم أشدّه بردا، وإنّ الملائكة لتبكي في الشتاء رحمة لبني آدم». وإسناده أيضا باطل.
وقال بعض السلف: البرد عدوّ الدّين. يشير إلى أنّه يفتر عن كثير من